mercredi 20 juin 2007

le 15/6 dans le journal almassae

أحلام وكوابيس
20/06/2007رشيد نيني

في الوقت الذي كانت فيه مجموعة من الحقوقيين والسياسيين المغاربة يحضرون حفل تأبين الراحل إدريس بنزكري في طنجة، داعين إلى مواصلة السير على درب خلق «وطن يتسع لأحلام الجميع»، كانت زبانية الجنرال العنيكري تجرجر مثل الخراف أجساد حقوقيين وسياسيين آخرين أمام مبنى البرلمان في الرباط.هل هي مجرد مصادفة، أم أن الأمر كان رسالة واضحة لمن يعنيهم الأمر بأن الوطن لا يتسع لأحلام الجميع، وإنما فقط يتسع لكوابيس البعض.إن أحط تكريم لذاكرة إدريس بنزكري هي اختيار ذكراه الأربعينية لكي يتم «تكريم» امرأة أمام الملأ اسمها خديجة الرياضي، تسلمت مقاليد رئاسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قبل شهرين. إن أكبر سبة لذاكرة بنزكري هي أن يتم ضرب وتمريغ رجلين كعبد الحميد أمين وعبد الإله بنعبد السلام يتخطيان عتبة الستينات فوق الأرض، دون أدنى اعتبار لتاريخهما النضالي ووضعهما الصحي.يا للعار. المكان نفسه الذي سمحت فيه سلطات الرباط قبل أسبوعين للمشاركين الأجانب في طواف للدراجات بتغيير ثيابهم وكشف عوراتهم أمام الملأ دون أدنى احترام لمشاعر المغاربة، هو المكان نفسه الذي تمنع فيه وقفة احتجاجية سلمية لحقوقيين أرادوا أن يعلنوا تضامنهم مع المعتقلين بتهمة المس بالمقدسات.في الوقت الذي يسمحون للأجانب بالتعري أمام مبنى البرلمان وتصوير المواطنين بسفاحاتهم العارية، يستكثرون على بضعة حقوقيين مغاربة مجرد الوقوف للاحتجاج أمامه. والرسالة واضحة، من أراد تعرية عورته أمام البرلمان مرحبا به، ومن أراد تعرية عورة المخزن فالزرواطة ستكون له بالمرصاد.إن الضرب الوحشي الذي تعرضت له خديجة الرياضي وزملاؤها في تزامن مضبوط مع حفل تأبين الراحل بنزكري، يفضح المساحيق المفتعلة والملامح الحزينة المنافقة التي وضعها الجنرال العنيكري على وجهه وهو يحضر مواراة جثة الراحل إدريس بنزكري التراب في قرية آيت واحي.إن شخصا يحضر جنازة مناضل حقوقي ويبدي حزنه على رحيله في قريته النائية ويذرف دموع التماسيح عليه، وبمجرد ما يعود إلى الرباط يستعيد قسوة الجنرالات وشراسة الجلادين السابقين ويعطي أوامره لضرب وجرجرة زملاء الراحل في النضال من أجل مغرب الكرامة، أمام مؤسسة تمثل الشعب، لهو شخص يستحق فعلا أن يزور طبيبا نفسيا لكي يشرح له طبيعة شخصيته المتقلبة المزاج.وبغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا مع ما جاءت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان للاحتجاج ضده أمام البرلمان، بغض النظر عن التفسيرات التي أعطاها البعض لتوقيت هذه الوقفة الذي يتزامن مع انطلاق المفاوضات بين المغرب والبوليساريو في نيويورك، وبغض النظر عن كل شيء، فإن ما وقع يعد فعلا مسا صارخا بأحد أكبر المقدسات في العالم الديمقراطي وهو الحق المقدس في التعبير. وشخصيا لدي رأي شخصي في تهمة المس بالمقدسات التي يحاكم بسببها مجموعة من المواطنين احتجوا بمناسبة فاتح ماي الماضي، وتم اتهامهم بأنهم أهانوا شخص الملك. وكان هذا الاعتقال سببا مباشرا في تنظيم الجمعية المغربية لحقوق الإنسان للوقفة الاحتجاجية التي انتهت بهم في مستعجلات ابن سينا.إن الذين يهينون شخص الملك في الحقيقة ليسوا هم الذين يعبرون في المسيرات الاحتجاجية عن غضبهم من الدولة ويطالبونها بالشغل والخبز والدواء والأمن. اذهبوا إلى أقوى دولة في العالم وسترون كيف يخرج المواطنون الغاضبون في المسيرات حاملين كراكيز تمثل جورج بوش يجرجرونها في الأرض أمام البيت الأبيض دون أن يتجرأ أحد على لمس شعرة واحدة منهم. الذين يهينون شخص الملك هم أولئك الذين يتسترون وراءه لكي ينهبوا أملاك هذا الشعب. وأنا شخصيا أعتبر أن واحدة من أهم المقدسات في هذه البلاد هي ممتلكات الشعب. ويجب أن تكون لكل الأحزاب وجمعيات المجتمع المدني وجمعيات حماية المال العام الجرأة لكي يطالبوا بمحاكمة علنية لكل من تسول له نفسه المس بهذه المقدسات. إنهم باعتقال هؤلاء المواطنين وإيداعهم السجن وتقديمهم للمحاكمة يريدون إقناعنا بأن المقدس الوحيد الذي لا يجب المس به في هذه البلاد هو شخص الملك. أما أملاك الشعب فيمكن نهبها باسم القرب من الملك، ولن يكون هؤلاء الناهبون عرضة حتى لسؤال صغير في البرلمان.إنهم يمسون بمقدساتنا كل يوم عندما يسمحون للجنرال بناني باستباحة مقالع للرمال بواد سوس، مختفيا وراء اسم ابنه أسامة الذي يشترك مع رئيس «جمعية مستغلي قطاع مقالع الرمال» في الشركة المستغلة، ويحتكران استخراج الرمال والحصى وبيعها بالملايين لشركات البناء. وقد بلغ بهم النهم في استخراج الرمال مبلغا وصلوا معه إلى حدود المحمية المجاورة للقصر الملكي بمنطقة تراست. إنهم يمسون بمقدساتنا كل يوم عندما يسمحون لجنرال آخر متقاعد بوضع كلاب حراسة أمام مقلعه الشخصي الذي فوتوه له بنواحي الجديدة، لكي يستخرج منه ثروات البلاد ويستفيد منها لنفسه وأبنائه.إنهم يمسون بمقدسات البلاد عندما يفوتون لأبناء وزوجة منير الماجدي، مدير الكتابة الخاصة للملك، هكتارات من أملاك المسلمين التابعة للأحباس، بثمن مضحك لا يكفيه حتى لشراء المرطبات لأبنائه في المركز التجاري الميكامول بالرباط.أليست هذه أمثلة حية على المس بأملاك الشعب التي تعتبر من مقدساته التي لا يجوز لأي أحد التصرف فيها كإرث شخصي. فلماذا إذن لم نسمع عن متابعة أي واحد منهم بتهمة المس بالمقدسات أمام القضاء، أو على الأقل مطالبتهم بالإجابة عن سؤال بسيط من أربع كلمات «من أين لكم هذا».إننا ضد إهانة شخص الملك، وأيضا نحن ضد إهانة أي مواطن مغربي مهما صغر شأنه. ولذلك نستغرب هذا الاستعمال غير العادل لتهمة إهانة المقدسات.فعوض أن يتابع قضاء بوزوبع هؤلاء الجبابرة العابثين بأملاكنا يفضل أن يغمض عينه عليهم وفتحها على شيخ عمره 72 سنة اسمه محمد بوكرين حضر لكي يحتج إلى جانب الهيئة المحلية للتضامن مع معتقلي فاتح ماي ببني ملال المتابعين بتهمة المس بالمقدسات.الطريف في الملف العدلي للمواطن محمد بوكرين هو أنه اعتقل بسبب أفكاره في عهد محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس. في المرة الأولى اعتقل بسبب مقاومة المستعمر، وفي الثانية بسبب مقاومته لنظام الحسن الثاني، وفي الثالثة بسبب وقفة احتجاجية. فهل أصبح النظام السياسي في المغرب على أعصابه إلى درجة أنه لم يعد يتحمل رؤية مجرد وقفة احتجاجية. ما أشبه الليلة بالبارحة.ولعل ما يجهله النظام السياسي المغربي والذين يريدون توريطه بإعادته إلى أجواء سنوات الرصاص، هو أن التكلفة السياسية لهذه المتابعات القضائية ولهذه التدخلات الهمجية ضد المحتجين أمام البرلمان، سواء كانوا حقوقيين أو عاطلين أو رجال تعليم كما وقع مؤخرا وتم تمريغ المعلم الذي كاد أن يكون رسولا في الأرض وخلط أسنانه ودمائه بالتراب، تكلفة باهظة جدا وسيدفعها المغرب من رصيده الحقوقي الذي راكمه طيلة السنوات العشر الأخيرة.إن صورة رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خديجة رياضي وهي ملقاة فوق الأرض، لهي الصورة الأكثر تعبيرا عن وضع الكرامة الإنسانية للمواطن المغربي اليوم. كرامة ملقاة على الأرض تدوسها أحذية قوات مساعدة أصبحت أكثر شراسة بعدما استحكم الجنرال العنيكري بقيادها. هل بمثل هذه الصور نريد أن نقنع العالم بأن المغرب فعلا تغير. وهل بمثل هذه الصور نكرم ذاكرة الراحل إدريس بنزكري، الذي ناضل طيلة حياته من أجل «وطن يتسع لأحلام الجميع».بأي شيء يشعر الجنرال العنيكري وهو يرى صور رجاله وهم يرفسون النساء والرجال بأحذيتهم الثقيلة ويشتمون دين أمهاتهم ويضربونهم على رؤوسهم بالهراوات أمام الملأ، بماذا يشعر هو الذي ظهر في الصور حزينا شبه باكي عندما أهالوا التراب على قبر بنزكري. مكانه كنت سأشعر بالخجل، ولاشيء آخر سوى الخجل.

Source:
http://www.almasae.info/?issue=233&RefID=Content&Section=12&Article=1752

1 commentaire:

Anonyme a dit…

شكرا على المعلومات العظيمة! لن لقد اكتشفت هذا خلاف ذلك!